مفهوم الفلسفة التربوية

مفهوم الفلسفة التربوية

مفهوم الفلسفة التربوية
مفهوم الفلسفة التربوية

هل سمعت يومًا بمفهوم الفلسفة التربوية؟ ففي ظل التحديات والمشكلات التي تواجه التربية في عصرنا الحالي، أصبح من الضروري تحديد الأهداف الفلسفية التي توجه عملية التربية. فالفلسفة التربوية تعد نمطًا فلسفيًا يركز على دراسة الطرق الأنمائية والتعليمية المناسبة لتحقيق رسالة مؤسسات التعليم والتربية. في هذا المقال، سنستكشف مفهوم الفلسفة التربوية بشيء من التفصيل ونكشف عن أهميتها في توجيه عملية التربية والتعليم.

1. مفهوم الفلسفة التربوية

يُعَرَّف مفهوم الفلسفة التربوية كنشاطٍ فكريٍّ منتظم يهدف لتنظيم وتنسيق العملية التعليمية تنظيرًا وتطبيقًا، ويُعد الفلسفة التربوية تطبيقًا للتحليل الفلسفي في مجال التعليم. وفي العلاقة بين الفلسفة العامة وفلسفة التربية، توجد قيود متعددة تتمثل في أن فلسفة التعليم هي وجهة نظر في تنفيذ المبادئ الفلسفية في الخبرة الإنسانية المسماة التعليم، فتحاول الفلسفة التربوية أن توضح أن هذه التجربة الإنسانية مناسبة للفكر والشعور العاطفي والطبيعة البشرية. ومن وظائف الفلسفة التربوية في النظام التربوي وظيفة المضاربة والوظيفة المعيارية والوظيفة النقدية والوظيفة النظرية إلى الممارسة والوظيفة التكاملية، حيث يرتكز تاريخ فلسفة التعليم في النظام التربوي على هذه الوظائف.

علمًا أن المضاربة من الوظائف التي تسهم في تشكيل الرؤى والأفكار لتجويد النظام التربوي، بينما تلعب الوظيفة المعيارية دورًا هامًا في إعداد الأهداف المرجوة من التعليم ووضع المعايير اللازمة لقياس النجاح المُحقَّق فيه. ومن ناحية أخرى، تستخدم الوظيفة النقدية لإجراء تحليلات عميقة للنظام التربوي والتوصل للنقاط القوية والضعف، في حين يُعد النظر النظري للممارسة أداةً مهمة لتحسين العملية التربوية.

وبما أن العملية التعليمية تُعَدُّ أساسيًّا لتطوير الفرد وتحقيق أهدافه، تأسّس تاريخ فلسفة التعليم في النظام التربوي على البحث عن أفضل السُبُلِ لتحقيق ذلك، وتطوير الممارسات التعليمية من خلال الوظائف الفلسفية. وتُعَدُّ الفلسفة التحليلية للتربية أحد الاتجاهات الفلسفية الهامة في النظام التربوي حيث تسعى لتحليل الأفكار التربوية بشكل دقيق وتحديد أفضل العمليات التربوية الفعالة.

2. دور العلوم في مفهوم التربية

العلوم بشكل عام، والعلوم الإنسانية بشكل خاص، هي الأدوات الأساسية لتوسيع الفعل التربوي عن المضامين والأدوات اللازمة لإتمام هذا الفعل. ومن جهتها، تضع فلسفة التربية الأسس اللازمة لوجود التربية وغايتها المرتبطة بالإنسان وعلاقته بالمجتمع. تعمل الفلسفة التربوية على تضمين التربية في مجمل مضمونها وتفسيرها من خلال مفاهيم وأفكار واضحة، وهذا يُمكِّننا من اتخاذ السياسات التعليمية المناسبة. يتطلب الأمر استخدام المنطق التحليلي والنقد والتأمل والسؤال من أجل فهم الموضوعات والأشياء بطريقة دقيقة وفعالة.

يفترض العمل التربوي تنمية الجانب البدني والذهني للفرد، بالإضافة إلى جوانبه الاجتماعية والمعنوية والجمالية. ويتوجب العناية بصحة الجسم، وتلبية احتياجاته من الطعام والشراب والعناية به. يهدف ذلك إلى إعداد الفرد بما يتطلبه من قوة لمجابهة الحياة بكل ما تحمل في جعبتها. العمل التربوي يعني، ببساطة، الرعاية التي يحتاجها الإنسان خلال مراحل حياته لإكمال مهمته كإنسان.

تستخدم فلسفة التعليم المفاهيم والطرق الوافرة التي تدرس التعليم ومشكلاته من أجل فهم مضمونه ومعناه وأهدافه. تركز الفلسفة التربوية على جوانب التعليم والانضباط التعليمي، بمعنى أنها قد تكون جزءًا من الانضباط التربوي الذي يهتم بالأشكال والأهداف ونتائج التعليم والتعلم. إن رؤية فلسفة التعليم للعملية التعليمية أو للانضباط التعليمي بشكل عام أمرٌ ضروري لتحقيق أفضل النتائج في هذا المجال الحيوي.

3. استيعاب التربية في مضمونها الكلي

تعمل فلسفة التربية على استيعاب التربية في مضمونها الكلي، حيث تعد هذه العلمية القائمة على تفسير غاية وجود التربية؛ وهي الإنسان وعلاقته بالمجتمع. وتتفرع هذه العلمية إلى العديد من المفاهيم والفروع الفلسفية الأخرى. كما يعتمد تطبيق التربية على مفاهيم الفلسفة التربوية، حيث تعمل الفلسفة على فهم مضمون التربية بصورة كاملة وشاملة، وتستخدم الحجج والبراهين لتبيان مفهومها، وتعمل على توضيح العلاقة بين التربية و الأشياء المختلفة التي تأثر فيها.

تستخدم الفلسفة التربوية العديد من الوسائل المنهجية وأدوات العمل التي تساعد في استيعاب المضمون الكامل للتربية، فهي تعتمد على التركيب والتحليل المنطقي وتدريب العقل على السؤال والنقد والتأمُّل. ويمثل السؤال دوراً كبيراً في فلسفة التربية، حيث تؤكد أن الأسئلة أكثر أهمية من الأجوبة، وأن الجواب يصبح بدوره سؤالاً جديداً. وبذلك يمكن الاستفادة من فلسفة التربية في صياغة السياسات التربوية المختلفة، واختيار الخطط التدريبية المناسبة للطلاب.

تسعى الفلسفة التربوية إلى تحقيق غاية تربية الإنسان، بتنمية قدراته الجسمانية والعقلية، وكذلك عواطفه الاجتماعية والجمالية والأخلاقية، بهدف تحقيق مهمته كإنسان. وتوفر هذه العلمية للأفراد إطاراً فلسفياً لفهم الهدف الرئيسي للتربية واستشراف الطريق الذي يمكن أن يسلكوه لتحقيقه. وبالتالي، يعتبر فهم وتطبيق مفهوم الفلسفة التربوية مهماً للغاية لجميع الأطراف المتعلقة بمجال التعليم والتربية ككل.

4. تفسير التربية بواسطة مفاهيم عامة

تُعتبر التربية من الجوانب الأساسية في حياة الإنسان، فهي تساعده على تطوير نفسه وتنمية قدراته في الجوانب الجسمانية والعقلية والاجتماعية والأخلاقية. وبما أن فلسفة التربية تسعى إلى فهم طبيعة التربية وأهدافها وتحدياتها، فإنها تستند على مفاهيم عامة لتفسير هذه العملية. وذلك يتطلب الاعتماد على التحليل المنطقي والنقد والسؤال والتأمل، إذ تعتبر الأسئلة أكثر أهمية من الأجوبة بحسب الفيلسوف ياسبيرز، حيث يطرح الفيلسوف أسئلة ويبحث عن أجوبتها ويحاول إيجاد حلول جديدة وتفسيرها بطريقة منطقية.

يُعرف الفيلسوف باعتباره من يُحلل ويفسر الاختلافات المختلفة في التربية والتركيبات والأهداف، ويُعطي تفسيرات أخرى من خلال التفكير النقدي والتأملي. وتعمل فلسفة التربية على إدراك هذا التنوع والاختلاف في التربية، وتستخدم مفاهيم عامة لتفسيره وفهمه واختيار السياسات التربوية المناسبة.

تعمل فلسفة التربية أيضًا على تحليل غايات وجود التربية، والتي تتمحور حول الإنسان وعلاقته بالمجتمع. فالتربية تساعد الإنسان على تحقيق مهمته كإنسان عن طريق تنمية قدراته الجسمانية والعقلية والاجتماعية والأخلاقية. وعن طريق هذا التحليل والفهم يمكن اتخاذ السياسات التربوية التي تتناسب مع هذه الغايات.

بشكل عام، تعمل العلوم والعلوم الإنسانية بشكل خاص على توفير الوسائل المنهجية والأدوات اللازمة لتنمية الفعل التربوي. بينما يسعى فلسفة التربية إلى فهم جذور التربية وتحليل طبيعتها وأهدافها والمشكلات الفلسفية التي تنشأ عن تطبيقها. وبهذه الطريقة يتمكنون من فهم التربية بشكل كامل واتخاذ القرارات المناسبة لتحقيق أهدافها.

5. السياسيات التربوية واختيارها من خلال الفلسفة

تسعى السياسيات التربوية إلى تحسين عملية التعليم وتحقيق أهداف التربية المستمدة من الفلسفة التربوية. وتعد فلسفة التربية أساسًا لاختيار هذه السياسيات وصياغتها، حيث تعمل الفلسفة على إيجاد المفاهيم العامة التي تمكِّن من اختيار السياسيات التربوية المناسبة.

تعمل الفلسفة التربوية على استيعاب التربية في مضمونها الكلي، وتفسيرها بواسطة مفاهيم عامة تسمح لنا بتحديد الأهداف واختيار السياسيات الملائمة. وتتميز فلسفة التربية بالتحليل المنطقي والنقد والسؤال والتأمل، حيث يتم استخدام هذه الأدوات لتحليل وفهم الأفكار والتقارير والمعلومات المتعلقة بالعملية التربوية.

يعتبر السؤال من أهم الأدوات التي تستخدمها الفلسفة التربوية، حيث يعتبر كل جواب مناسبة لسؤال جديد. ويقوم الفيلسوف بتقديم حلول وفهم وتفسير وتبرير أهداف التربية بشكل منطقي ودقيق، مستخدمًا البراهين والحلول الأخرى لتبيان أفكاره.

تحظى فلسفة التربية بأهمية كبيرة في اختيار السياسيات التربوية، وذلك لأنها تركز على الإنسان وعلاقته بالمجتمع، وتنطلق من غايته وجوده وتتمثل في تنمية شخصيته وقدراته المختلفة، ومساعدته على تحقيق رغباته وأحلامه في الحياة. ولذلك يتعين على السياسات التربوية الاهتمام بتنمية الإنسان بصورة شاملة تمكِّنه من مواجهة تحديات الحياة.

تتميز فلسفة التربية بأنها تعزز التحليل المنطقي والنقد والبحث والتفكير النقدي، وتستند إلى المعرفة والفهم الشامل للعالم وما يحويه. وتقوم الفلسفة التربوية على تعزيز الوعي بأن الإنسان هو النواة الأساسية للعملية التربوية، ويجب تفعيل قدراته وتحديثها وتطويرها باستمرار من خلال تقنيات وأساليب تعليمية متطورة من شأنها أن تؤدي إلى تحقيق الأهداف التربوية برسالة وأسلوب فائد.

6. التحليل المنطقي والنقد في مفهوم التربية

يعتبر التحليل المنطقي والنقد من الأسس الأساسية لفهم مفهوم التربية. فهم مفهوم التربية يحتاج إلى استخدام العقل والتفكير المنطقي لإدراك جميع جوانبها بشكل صحيح. يسمح التحليل المنطقي والنقد بتفكيك مفاهيم التربية وتحليلها بشكل مفصل ومنطقي لفهم الأسس التي ترتكز عليها. بالإضافة إلى ذلك، فإن النقد المثالي يسمح بإعطاء اقتراحات لتحسين مفهوم التربية بحيث يتمكن المتعلمون من الاستفادة إلى أقصى حد من كل جانب في هذا المجال الحيوي المهم.

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر التحليل المنطقي والنقد مسؤولين عن رصد الأخطاء والثغرات في مفهوم التربية وإجراء التحولات اللازمة لتحسينها. يمكن استخدام النقد لإنشاء سجل ملاحظات عن أي جانب من جوانب التربية الذي يحتاج إلى التحسين. ومن خلال النموذج الذي يعتمد على التدقيق المنطقي والتحليل، يمكن اكتشاف الجوانب الضعيفة وإجراء التعديلات اللازمة لتحسينها.

ومع ذلك، يجب على الفرد أن يتعلم مفهوم التحليل المنطقي والنقد ليستطيع فهم جوانب التربية التي تحتاج إلى التحسين. فهم التحليل المنطقي والنقد يتطلب تفكيرًا عميقًا وقدرات تحليلية معقدة وإدراكًا جيدًا للمفاهيم، وهذا يتطلب ممارسة وتدريبًا في فهم المفاهيم بشكل صحيح واستنتاج العلاقات المنطقية بين الجزئيات.

في النهاية، فإن التحليل المنطقي والنقد في مفهوم التربية يسعى إلى الارتقاء بالمفاهيم التربوية وتحسينها بشكل مستمر. يهدف ذلك إلى تحسين جودة التعليم وتعزيز فعالية عملية التعلم، ومن ثم التركيز على تنمية المتعلمين بشكل كامل وشامل. يتطلب هذا أيضًا التعرف على جميع جوانب التربية واستخدام التحليل المنطقي والنقد لتحسينها بشكل مستمر.

7. الأسئلة في الفلسفة وأهميتها في التربية

يُعدّ مفهوم الأسئلة الفلسفية من أهم المفاهيم التي تتبناها فلسفة التربية، حيث تساعد هذه الأسئلة على فهم الظواهر التي تشهدها الممارسات التربوية. وعلى الرغم من تنوّع هذه الأسئلة، إذ تشمل قضايا في الأخلاق والفلسفة الاجتماعية ونظرية المعرفة، إلا أنّها تُروى على أساس واحد، وهو الفضول ورغبة الإنسان في تحليل وفهم الحقيقة وطبيعتها. ومن خلال إدماج هذه الأسئلة في المنهج التربوي، يمكن أن يتعلّم الطلبة المهارات الفكرية والنقدية الضرورية لمواجهة التحديات العديدة التي يواجهونها في مجالاتهم المختلفة.

يواجه التربويون العديد من التحديات، حيث تعدّ فلسفة التربية الخيار الأمثل للتعامل مع هذه التحديات بشكل فعال. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعد الأسئلة الفلسفية في فهم الأهداف والغايات التي يرمي إليها المنهج التربوي، بالإضافة إلى فهم العديد من المسائل الأخلاقية والفلسفية التي تشكل الأساس للنظريات التربوية. وبما أن التحليل الفلسفي يتمحور حول فهم الحقيقة، يمكن استخدامه في التربية لتوسيع افق المعرفة وتطوير المهارات العقلية لدى الطلبة.

تعتبر الأسئلة الفلسفية عنصرًا أساسيًا في فلسفة التربية، حيث تؤثر بشكل كبير في شكل وطبيعة النظريات والممارسات التربوية. وبما أن هذه الأسئلة تركز على العقل، فإنها تساعد على توسيع الوعي الفكري والثقافي، مما يجعل طلبة التربية أكثر تفهّمًا وحسّاسية للتحديات التي يواجهونها في حياتهم. ويمكن استخدام هذه الأسئلة لتطور المهارات الفكرية لدى الطلبة وتسهيل عملية تفكيرهم.

على الرغم من أن فلسفة التربية لا تحتوي على إجابات قاطعة على كل الأسئلة التي تستعرضها، إلا أنه بفضل هذه الأسئلة واستخدامها الفعال، يمكن إثارة التفكير وإدماج الأفكار المتقدمة في المنهج التربوي. وبهذه الطريقة، يمكن للطلبة تحويل المعرفة النظرية إلى ممارسة فعالة ومستدامة، وتحسين البيئات التربوية والاجتماعية التي يعيشون فيها.

تستخدم الأسئلة الفلسفية لتعميق الفهم العقلاني والمعرفي للتربية، وتساعد في فهم العديد من المسائل الأخلاقية والفلسفية التي تشكل الأساس لنظريات التربية. كما أن استخدام هذه الأسئلة يجعل من الممكن التفكير بصورة أكثر تحوّلًا وتطورًا في مجالات التربية. ومما لا شك فيه أن إدماج الأسئلة الفلسفية في المناهج التربوية يمكنه أن يساهم في تطوير قدرات الطلبة وإعدادهم لحياة أفضل في المستقبل.

يعتبر إدماج الأسئلة الفلسفية في المنهج التربوي من الأمور الحاسمة في تعزيز الوعي الفكري لدى الأطفال والشباب. ومن خلال هذا الإدماج، يمكن تمكينهم من الإجابة عن الأسئلة الناتجة عن التحديات التي تواجههم في حياتهم. وبعد ذلك، يمكنهم تحويل هذه الأسئلة إلى فهم عميق للموضوعات التربوية والمهارات الفكرية الأساسية للتعلّم.

نترك لك كقارئ للمدخل المتميز في موسوعة ستانفورد للفلسفة الدي ننقله للعربية أهمية الأسئلة الفلسفية في فهم الظواهر التي تشهدها الممارسات التربوية. فمن خلال هذه الأسئلة، يمكن للطلبة الكشف عن التحديات التي يُمكن أن يواجهوها، وتحليلها باستخدام المنهج الفلسفي لتحديد الحقيقة الأساسية التي يؤدّي إليها المنهج التربوي. وبهذه الطريقة، يمكن للطلبة تطوير العديد من المهارات الفكرية والنقدية الأساسية المطلوبة لتحقيق النجاح في الأمور الشخصية والتعليمية.

8. استفهام الإنسان وعلاقته بالمجتمع في المفهوم التربوي

تُركِّز العلوم الإنسانية والتربوية على توفير الأدوات والوسائل اللازمة لإكمال العمل التربوي، بينما تتغذى فلسفة التربية من جوهر التربية وهدفها؛ والذي يتمثل في التركيز على الإنسان وعلاقته بالمجتمع. تُعد فلسفة التربية العنصر الأساسي في تشكيل منهجيات التربية وتفسير السياسات التربوية، وذلك بالاعتماد على التحليل المنطقي والنقد والسؤال والتفكير العميق، بدلاً من تقديم الأجوبة النهائية والحلول الجاهزة.

ينطلق مفهوم التنوير في فلسفة كانط بدلالة إطلاق العقل من تحت أغلال الظلام وتحقيق الإنسان لتحريره من ربقة الأوهام. يقف كانط ضد الجهل والعبودية الناشئة عن ربقة الأسطورة والخرافة وتدمير المفاهيم الخاطئة والواهية. ويتمثل التنوير الكانطي في إعلان حربه على الجهل والخوف والعبودية والإكراه، وتشجيع التفكير الحر والنقد البناء بدلاً من القبول الأعمى للمفاهيم الواهية.

تعد فلسفة التربية الأساس في تطبيق مبادئ التربية، وتتناول توجيه الجهود نحو تحقيق مسيّة التربية في حماية وتحسين حالة الإنسان، بما يتمثل في تنمية قدرات الجسم والعقل والعواطف الاجتماعية والجمالية والأخلاقية، وبالتالي تحقيق مهمة الإنسان ككائن يعيش في المجتمع.

يعد السؤال ركيزة أساسية في الفلسفة التربوية، حيث يعمل الفيلسوف على استكشاف أدق التفاصيل والأبعاد، واستنتاج الأفكار الجديدة. ويعد السؤال أكثر أهمية من الإجابة في الفلسفة التربوية، وكل إجابة تفتح طريقاً أمام سؤال جديد.

تسعى فلسفة التربية إلى تحقيق التنوع في المجتمع، من خلال تدريس الأفراد على التفاعل المتعدد الأطراف، وتدريس المهارات الاجتماعية والتعاونية، وتشجيع التميز الأخلاقي والفني والعلمي، وتنمية الفرد كجزء لا يتجزأ من المجتمع، وتعزيز القدرة على الاستماع والتواصل وتقدير واحترام الآخرين.

تتميز فلسفة التربية بالتنوع والانفتاح، كونها تتسم بالتعددية الثقافية والمعرفية، وتفتح أمام المفاهيم والنظريات والممارسات من قانون الطبيعة وحتى الفلسفات العريقة.

تعد فلسفة التربية لغة مشتركة بين الأفراد، فهي تزيد الفرد قدرة على فهم العالم والتصرف فيه، وتمكن الفرد من تحويل المعرفة إلى قدرة عملية يحقق من خلالها مساهمته ودوره في المجتمع.

تعتبر فلسفة التربية منظومة شَامِلة، وتشمل منظور تاريخي واجتماعي وفلسفي وعلمي، وتعتمد منهجاً تحليلياً وثاقباً في كل ما له علاقة بالإنسان وعلاقته بالمجتمع. وتُمثِّل فلسفة التربية الجانب الأساسي في التربية، ولا يمكن تطبيق المبادئ التربوية دون فهمها بشكل صحيح وتحديد أسسها بعُمق.

9. تحقيق مهمة الإنسان ككائن يحتاج لتنمية قدراته الجسمانية والعقلية

تمر التربية بعملية دؤوبة لتحقيق مهمة الإنسان ككائن يحتاج لتنمية قدراته الجسمانية والعقلية. تعتمد العلوم بشكل عام والعلوم الإنسانية بشكل خاص على تزويد الفعل التربوي بالوسائل المنهجية والأدوات الخاصة به، فيما تعتمد فلسفة التربية على استيعاب التربية في مضمونها الكلي وتفسيرها بمفاهيم عامة تساعد في اختيار السياسات التربوية. يعتمد ذلك على التحليل النقدي والتفكير المنطقي والأسئلة والتأمل والتركيب.

النظرية التربوية تمثل النموذج الذي يريد المجتمع القائم أن يتبعه أبناؤه وناشئته، وتحدد المؤسسات التي يُؤَدِّب فيها الأطفال، والمناهج التي تستخدم لتجهيزهم، والمجتمع الذي سيعيشون فيه. وبتحددها لشبكة العلاقات الاجتماعية التي يرغب بها المجتمع لتنظيم سلوك البالغين فيه، تعد النظرية التربوية من مفاهيم تختلف من مجتمع لآخر ومن حضارة لأخرى، وتمثل حلقة الوصل بين الماضي والمستقبل.

عند بدء عصر النهضة الغربية الحديثة وتوسعها، بدت فكرة النظرية التربوية تركز على إعداد الفرد للاستمتاع بالحياة والاستفادة الأمثل من الأماكن المحيطة به، وتعزيز التربية الجمالية والبدنية والسلوكية. في العصر الحديث، بات الهدف الرئيسي من النظرية التربوية هو رفع مستوى المعيشة بجميع جوانبها والنظر إلى التربية وتطبيقاتها كاستثمار اقتصادي وقوة داعمة لتطور التكنولوجيا الصناعية.

وبما أن التربية تهدف إلى تحقيق مهمة الإنسان، فإنها تعنى بتنمية قدراته الجسمانية والعقلية، وكذلك عواطفه الاجتماعية والجمالية والأخلاقية. يهدف الأمر إلى تقوية الجسم وإرضائه من الطعام والشراب مما يجعله قادرًا على التعامل الفعّال مع الحياة ومواجهة صعوباتها. ويشتمل ذلك على الرعاية التي تشمل الإنسان خلال حياته وتهدف إلى مساعدته في تحقيق هدفه ككائن بشري في المجتمع.

ومن أجل تنفيذ هذه المهمة الهامة، يتم الاعتماد على العديد من الأدوات والأساليب المنهجية المختلفة التي تضمن سير العملية التربوية بشكل فعّال ومنتظم، كالتحليل النقدي والتفكير المنطقي والأسئلة والتأمل والتركيب. ويطلق على الفيلسوف شخص يبدأ بالأسئلة ويتنهي باستفهامات لأجل الكشف والاكتشاف من خلال السؤال والتحليل والنقد والسؤال والتأمل والاستدلال والشرح وغيرها من التقنيات والأدوات المختلفة.

تتضمن النظرية التربوية كذلك شبكة العلاقات الاجتماعية التي يرغب بها المجتمع في تنظيم سلوك البالغين فيه، والمؤسسات التي يعملون بها. وهذا يعني بأن النظرية التربوية تمثل عملية مستمرة من التعلم والتعرف والتطور لمواكبة التحديات القائمة. وترتبط مفاهيمها بمتغيرات الزمان والمكان والحضارة، ويتم تطويرها دائمًا لتناسب الأوضاع والظروف التي تواجهها المجتمعات المختلفة.

بشكل عام، فإن التربية تساهم في تطوير الإنسان بصورة شاملة وتعمل على تحقيق مهمة الإنسان ككائن يحتاج لتنمية قدراته الجسمانية والعقلية. وتأمل فلسفة التربية في الاستفادة من قضايا الحياة ومشكلاتها لصقل شخصيته وتنمية قدراته وتحسين صورته. وبذلك، تكون التربية الأساس لبناء مجتمع أفضل وأكثر تنظيمًا وتطورًا، تسهم في تحقيق رؤية المجتمع لتحسين جودة الحياة.