الشوفينية ما معناها

الشوفينية ما معناها

الشوفينية ما معناها
الشوفينية ما معناها

يُعد مفهوم الشوفينية من القضايا المثيرة للجدل التي تتفرع حولها أفكار وآراء متباينة بين الناس، ورغم أنها تتعلق بأساسيات الحياة الاجتماعية، إلا أن الكثيرين يجهلون معناها وتفاصيلها بالتحديد، وهذا ما دفعنا لإلقاء الضوء عليها في هذه المقالة. فماذا يعني الشوفينية؟ وما هي آثارها على المجتمع والفرد؟ وكيف يمكن الحد منها؟ سنجيب عن هذه الأسئلة وغيرها في السطور التالية، فتابعونا!

1. مفهوم الشوفينية

مفهوم الشوفينية هو الاعتقاد المفرط بأفضلية الوطن أو القومية التي ينتمي إليها الشخص، والتعامل بالتحزب والتعصب مع أي خلاف أو نزاع، مع انعدام الرزانة العقلية والاستحكام العاطفي. تبدي الشوفينية غياب الاعتدال والتعارف بين الشعوب والقوميات الأخرى، مع الإعجاب الحصري بوطنه والرفض العسير لأي شكل من أشكال المخالفة. يعد الشوفينية امتداداً للنزعة القومية، وترتبط بالفخر بالانتماء إلى الوطن وتاريخه، ولكن عندما يتجاوز الشخص حدود الانتماء ويصل إلى الاستعلاء ومنافة الآخرين، تتحول إلى شوفينية. أسس هذا المفهوم العسكري الفرنسي للغاية في القرن التاسع عشر، لكنه انتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم.

2. التحزب الشوفيني

يمثل التحزب الشوفيني الاعتقاد المتطرف والتعصب الزائد في التعامل مع المواقف المختلفة، مما يؤدي إلى غياب العقلانية في التفكير وقلة التسامح. يتجلى هذا النوع من التحزب في الاعتقاد بتفوق وطن معين على باقي الدول والحضارات، مصحوبا بالتشديد على أهمية مجموعة معينة، وإسقاط العيوب والنقائص على الآخرين. في بعض الأحيان، يتعرض هذا النوع من التحزب إلى الانتقادات بسبب احتوائه على تعصب عنصري، وعدم قدرة الشخص المؤمن به على قبول الآراء المختلفة، وتميزه بالتفاني الأعمى وعدم الالتزام بالمعايير العلمية والأخلاقية.

3. تعصب الشوفينية

تشير الشوفينية إلى التعصب المفرط والغيرة الزائدة تجاه الشخص أو البلد، مما يؤدي إلى التصرفات العدائية والتفاني الأعمى لصالح الجماعة التي ينتمي إليها الفرد. يمتد هذا المفهوم بشكل طبيعي من الفخر الوطني، عندما يتجاوز حدوده، ويقود إلى التعالي على الشعوب الأخرى. ويعتبر الشوفينية تعبيرًا عن النزعة القومية، وتشير إلى استحالة رزانة العقل والتعامل الرصين مع الآراء والمواقف المختلفة. يقود الشوفينية إلى التفرد والتفكير الضيق، مما يؤثر سلبًا على التنمية الإنسانية والاجتماعية. لذلك، يعتبر الوعي بمفهوم الشوفينية وأهميته مرحلة مهمة في التعامل الأخلاقي والرصين مع البشر والبلدان.

4. الشوفينية العرقية والدينية

الشوفينية العرقية والدينية تعني التحيز والتعصب لصالح جنس أو عرق أو دين معين وباطراد يؤدي إلى التمييز والتمييز ضد الآخرين. يعتقد الشوفينيون أن هناك عرق أو دين أفضل من الآخر ويروجون لفلسفة القوة والتحكم. وعلى الرغم من أن الشوفينية معروفة في الكثير من الأحيان للاعتقاد بالأفضلية الثقافية، إلا أنها تشمل أيضا قضايا الدين والعرق. وتسبب الشوفينية العرقية والدينية في تصعيد العنف والتمييز، وقد تم سجن الكثيرين في أماكن مختلفة في العالم بسبب الشوفينية. لذا يجب الحرص على عدم الترويج لهذا السلوك والتأكد من التعايش والاحترام المتبادل بين كل الشعوب والأديان.

5. الشوفينية الوطنية

الشوفينية الوطنية هي اعتقاد مفرط في تميز وفخر الوطن الذي ننتمي إليه وما يتزعمه من قيم ومعايير وهيمنة على الأخرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه النزعة تعبر عن عدم احترام الرأي وتهميش المجموعات الأخرى، وتؤدي إلى التفرقة والانحياز العنيف. هذا المصطلح ينبع من الكلمة الفرنسية "chauvinisme" التي تعني الحماية المفرطة لتيار سياسي أو ثقافي. يرتبط هذا المفهوم بصورة قوية بالوطنية والقومية، وغالبًا ما يتم استخدامه بشكل سلبي ومنفي. لا بد من التنويه إلى أن الوطنية الصحية تتمثل في التفاني في بلدك واحترام المبادئ والقيم التي أرستها الثورة وتكوين مجتمع واع ومتعدد الجوانب.

6. الشوفينية الذكورية والإناثية

الوفينية ليست خاصة بالرجال فقط، بل يمكن أن يعاني منها الرجال والنساء على حد سواء. تتمثل الشوفينية الذكورية في إعطاء الأفضلية للرجال في كل شيء، بما في ذلك المناصب القيادية والرواتب والتعامل في المجتمع. بينما تتمثل الشوفينية الإناثية في إعطاء الأفضلية للنساء في بعض الأحيان بشكل مفرط على حساب الرجال، وهو ما يعرف باسم الانتقام الإناثي. في الواقع، يحدث الشوفينية في المجتمعات على أساس متباين بين الجنسين، ويتطلب التغلب عليها تعزيز الجنسانية المتساوية والاحترام المتبادل بين الجنسين.

7. تاريخ انتشار الشوفينية

يعود تاريخ انتشار مصطلح الشوفينية إلى القرن التاسع عشر، والذي ارتبط بالصدام بين الدول الأوروبية. وكانت الشوفينية وسيلة من وسائل الإعلام والسياسة لتحريك الجماهير وجعلها تدعم الحرب. ومع الوقت، تحول هذا المصطلح إلى تصور عنصري قومي يقوم على الاعتقاد بأن نوعًا معينًا من الناس يجب أن يحقق الهيمنة على أرضهم وثقافتهم. ومنذ ذلك الوقت، انتقلت الشوفينية إلى الأجزاء الأخرى من العالم، حيث تستخدم اليوم لوصف التمييز ضد المجموعات الأقل قوة وتحديداً ضد المهاجرين والأقليات وغيرهم.

8. إنتاج الكلمة من اسم نيكولاس شوفين

إنتاج كلمة "الشوفينية" يعود إلى اسم الجندي الفرنسي "نيكولاس شوفين" الذي كان مشهورا بتفانيه وعدائيته في الجمهورية (جيش). وقد اشتهر بأنه شديد الغيرة على وطنه ومتفاني في القتال في الجمهورية، دون مساءلة أو شك بحصافته، فقصد بها الإشارة إلى التفاني الأعمى للجندي المتحمس والمتزمت بعنجهية برأيه بقضية. لكنها وصلت لتعني الاعتقاد المغالي والتعصب والعنجهية في التعامل مع خلافات الآخرين، والتي تعبر عن غياب رزانة العقل والإستحكام في التحزب لمجموعة ينتمي إليها الشخص والتفاني فيها.

9. الشوفينية في سياق الاستهجان

يعتبر مفهوم الشوفينية في الساحة السياسية عبارة عن تحامل وتعصب مفرط في القضايا الوطنية، وتعبر عن عدم رزانة العقل والتصرف بروية في التعامل مع الخلافات. يترتب على ذلك الاعتقاد المفرط بأن أمته هي الأفضل، مع تخفيض شأن الدول الأخرى والمجموعات التي لا تنتمي إليها. يوجد نمطان من الشوفينية الإيجابية والسلبية. الأول يرتكز على الفخر بالهوية الوطنية والعربية ولا يترتب عليها السخرية من الآخرين. أما النموذج السلبي فيترتب عليه الكراهية والاعتقاد الغير مسؤول بتفوق أمته على الجميع، مما يؤدي إلى خلق جدران فكرية تفصل بين الشعوب. يجب علينا تفادي هذا الأسلوب العنصري والاستفادة من مفهوم الحوار والتسامح لبناء مجتمع حضاري يسود فيه السلام والمساواة والتعاون المشترك.

10. مقارنة الشوفينية بالنازية الألمانية.

يستخدم البعض مفهومي الشوفينية والنازية الألمانية بشكل متبادل، ولكن هذا غير دقيق. فالنازية الألمانية لا تمثل فقط انتماءً وطنيًا مفرطًا ولكنها أيضًا نظام سياسي يعتمد على الناحيتين العسكرية والأيديولوجية. بينما الشوفينية تعني فقط الانتماء الوطني المفرط دون الحاجة إلى نظام سياسي يدعم ذلك. يتميز الشخص الشوفيني بالتمييز ضد الأفراد من خلفيات وثقافات مختلفة ويعتبرها أقل منه، في حين أن النازية تؤمن بفكرة "العرق الألماني النقي" وتعتبر الأعراق الأخرى غير مرغوبة. يجب أن نفهم هذا الاختلاف لأنه يهمنا في مجال الأمن وحقوق الإنسان.